الطلاق الاتفاق
مسطرة الطلاق الاتفاقي في القانون المغربي
يُعتبر الطلاق الاتفاقي في المغرب من أكثر أنواع الطلاق انتشاراً في السنوات الأخيرة، نظراً لكونه وسيلة سلمية وقانونية لإنهاء العلاقة الزوجية دون نزاع أو خصومة، مع احترام حقوق الزوجين والأبناء. وقد نظمت مدونة الأسرة المغربية هذه المسطرة ضمن أحكام دقيقة تهدف إلى تحقيق التوازن بين الطرفين وضمان مصلحة الأطفال.
بصفتي محامي طلاق في الدار البيضاء، أُلاحظ أن الكثير من الأزواج يجهلون الإجراءات القانونية الدقيقة للطلاق الاتفاقي، لذلك سنستعرض في هذا المقال أهم المراحل والشروط القانونية لمسطرة الطلاق الاتفاقي بالمغرب.
أولاً: تعريف الطلاق الاتفاقي في القانون المغربي
نصّت المادة 114 من مدونة الأسرة على أن للزوجين أن يتفقا على مبدأ إنهاء العلاقة الزوجية وعلى ما يترتب عنها من آثار، ويقدمان اتفاقهما إلى المحكمة للمصادقة عليه.
بمعنى آخر، الطلاق الاتفاقي هو اتفاق بين الزوج والزوجة على إنهاء الزواج بطريقة ودّية ومنظمة قانونياً، دون صراع قضائي، مع تحديد كل الحقوق المالية والاجتماعية المتعلقة بالطلاق، مثل النفقة والحضانة والسكن والمتعة.
ثانياً: الإجراءات القانونية لمسطرة الطلاق الاتفاقي في المغرب
تمر مسطرة الطلاق الاتفاقي بعدة مراحل يحددها القانون، وهي كالتالي:
1. إعداد اتفاق الطلاق
يتفق الزوجان كتابة على جميع تفاصيل الطلاق وآثاره.
يفضَّل الاستعانة بـ محامي متخصص في قضايا الطلاق لصياغة الاتفاق بطريقة قانونية تضمن حقوق الطرفين وتُسهل المصادقة عليه أمام المحكمة.
2. تقديم الطلب إلى المحكمة
يُقدَّم طلب المصادقة على الطلاق الاتفاقي إلى قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بمحل سكن الزوجين أو أحدهما.
3. استدعاء الزوجين للجلسة
يستدعي القاضي الطرفين شخصياً للتأكد من رضاهما التام بالطلاق، وأن الاتفاق تم دون إكراه أو غش.
4. محاولة الصلح
يحاول القاضي الإصلاح بين الزوجين كما يفرض القانون، فإذا تعذر الصلح، يتم تحرير محضر بعدم الصلح ويُحال الملف إلى الحكم بالمصادقة.
5. المصادقة على الطلاق الاتفاقي
بعد التحقق من سلامة الاتفاق ومطابقته لمصلحة الأبناء، يصدر القاضي حكماً بالمصادقة على الطلاق الاتفاقي، ويُعتبر هذا الحكم بمثابة طلاق بائن بين الزوجين.
ثالثاً: دور المحكمة في حماية الحقوق
تلعب المحكمة دوراً محورياً في مراقبة الاتفاق، خاصة فيما يتعلق بحقوق الأطفال والنفقة والسكن.
لا تُصادق المحكمة على الطلاق إلا بعد التأكد من أن الاتفاق عادل ولا يضر بأي طرف.
كما يمكن للقاضي تعديل بعض البنود التي يراها مجحفة أو مخالفة للنظام العام الأسري.
رابعاً: الآثار القانونية للطلاق الاتفاقي
بعد صدور الحكم بالمصادقة، يترتب عن الطلاق الاتفاقي ما يلي:
انتهاء العلاقة الزوجية نهائياً.
استحقاق الزوجة للحقوق المتفق عليها (المتعة، المؤخر، النفقة…).
تنظيم حضانة الأطفال وزياراتهم وفق الاتفاق أو حكم المحكمة.
تسجيل الحكم في سجلات الحالة المدنية بعد اكتسابه الصيغة النهائية.
خامساً: أهمية الاستعانة بمحامٍ في مسطرة الطلاق الاتفاقي
الاستعانة بـ محامي طلاق في الدار البيضاء أو في أي مدينة مغربية يختصر الكثير من الوقت ويضمن احترام كل الشروط القانونية.
فالمحامي يساعد في:
صياغة اتفاق واضح ومطابق للقانون.
تمثيل الزوجين أمام المحكمة.
تسريع الإجراءات وتفادي الأخطاء الشكلية.
سادساً: مدة وتكلفة الطلاق الاتفاقي في المغرب
تختلف مدة الطلاق الاتفاقي حسب المحكمة وحجم الملفات، لكنها غالباً لا تتجاوز جلسة واحدة وانتظار مدة تتراوح بين اسبوع و 15 يوم للحصول على العقد النهائي بالطلاق الاتفاقي الذي يتم الإشهاد عليه من طرف عدلين.
أما تكلفة الطلاق الاتفاقي فتشمل أتعاب المحامي ورسوم المحكمة، وتختلف حسب المدينة وتعقيد الملف، لكنّها تظل أقل من تكلفة أنواع الطلاق الأخرى كالتطليق للشقاق.
خاتمة
إن مسطرة الطلاق الاتفاقي في القانون المغربي تُجسد روح العدالة والتفاهم التي تقوم عليها مدونة الأسرة. فهي تتيح للزوجين إنهاء العلاقة الزوجية بهدوء واحترام متبادل، مع الحفاظ على حقوق الأطفال